إن مما أعده اللهُ تعالى لعباده المؤمنين في دار السلام أنهارًا عظيمة يتنعّمون بها ويَتَلذذون. وهي غير هذه الأنهار التي نراها في الدنيا ونشرب منها، يقول النبيّ الأعظم ﷺ: «إنّ في الجنة بحرَ الماء وبحرَ العسل وبحرَ اللبن (أي الحليب) وبحرَ الخمرِ ثم تُشَقَّقُ الأنهارُ بعدُ» رواه الترمذي. ففي الجنة أنهار كثيرة لذيذة الطعم طيبة الرائحة تجري على وجه أرض الجنة من غير أُخْدود، أي ليس هُنَاك شقوقٌ في أرضها كما في أنهار الدنيا بل أنهار الجنة تجري على وجهها، ولا تُكَلّف تعبًا بالتناول منها، وأهل الجنة يشربون من أنهارها تلذذًا لا عن عطش، والماء العَذْب الذي في الجنة لا يتغيّر ريحه وطعمه على طول المكث كما في الدنيا، وكذلك أنهار اللبن وهو الذي نُسَميه الحليب لا يتغيّر طعمه ولا يفسد على طول المكث. وليعلم أن أنهار الخمر التي في الجنة لذة للشاربين، فهي ليست كخمر الدنيا الذي يُسْكر ويؤدي بمن يشربه إلى الصداع ووجع الرأس والأذى، وكذلك لا تُذهب عقول أهل الجنة بشربها. وأما أنهار العسل الذي يكون في الجنة فهو عسل مُصَفّى ليس فيه عكر ولا كدر كما نرى في بعض عَسَل الدنيا. وقد أكرم اللهُ تعالى نبيّه المصطفى ﷺ بأن أعطاهُ في الجنة نهرًا عظيمًا اسمه الكوثر وقد وصفه النبيّ الأعظم ﷺ لأمّته فقال: «الكوثرُ نهرٌ في الجنّة حافتاه من ذهب ومجراه على الدرّ والياقوتِ، تُربتُهُ أطيبُ من المِسْكِ وماؤُهُ أحلَى من العسلِ وأبيض من الثلج» رواه أحمد. فأين المشمّرون للجنّة… يا مؤمنون؟!