إنه رجل العلم والعمل والوفاء…

إنه رجل الكلمة الجريئة والموقف الثابت….

إنه قائد مسيرة الخير والعطاء وحامل لواء المشاريع… 

لقد استطاع سماحة الشيخ نزار حلبي أن يقود سفينة «المشاريع» منذ عام 1983 بكل ثبات وإقدام واندفاع وإخلاص، وأن يمضي في قافلة البناء والمؤسسات الرائدة وسط بحر من الأمواج العاتيات. منذ الانطلاقة وهو مُصمّم على أن يرفع مداميك العمل ويبني صروح الهداية والمعرفة.

ولد سماحة الشيخ نزار حلبي في بيروت عام 1372هـ عام 1952ر في أسرة بيروتية نشأت على حبّ العلم والعلماء. والده رشيد حسن الحلبي، والدته عائشة شقير. ويتصل نسبه إلى ابن النفيس الحلبي.

تلقى علومه المدرسية في ابتدائية أبي بكر الصديق ثم ثانوية عمر بن الخطاب (الفاروق) ثم دخل إلى أزهر بيروت حيث نال الشهادة الأزهرية ثم رحل في طلب العلم إلى الأزهر الشريف في مصر وتخرج من كلية الشريعة والقانون سنة 1975، ومنذ ذلك الحين وهو يشغل مهمة الإمامة والخطابة في مسجد برج أبي حيدر، ويقيم الدروس الدينية والمحاضرات للرجال والنساء والشباب، ويهتم بأمور الناس عمومًا والإسلامية خصوصًا لحماية الوطن وصيانة المجتمع مما يدمر ويفسد ويقوض الأركان والدعائم حتى سنة 1983 حيث تولى رئاسة جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية التي عمل على إعادة تنظيمها والانطلاق بها لتحقيق ما أُنشِئت لأجله.

تعرف على العلامة المحدث الشيخ عبد الله الهرري الحبشي منذ نعومة أظافره، فتربى على يديه، وتخلّق بأخلاقه، وسار على نهجه وتلقى منه الدروس والمعارف.

منذ اللحظة الأولى عمل رحمه الله مع إخوانه العاملين في جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية على تحديد وتنظيم الإمكانات وتطويرها متوكلين على الله سبحانه وتعالى، مقتدين بسيرة رسوله المصطفى ﷺ وبرجال الإسلام وأئمته أئمة الهدى الذين بذلوا الغالي والنفيس وقدموا المهج والأرواح فداء للدين وفي سبيل رفعة الأمّة وسؤددها.

عرفته بيروت كما عرفه كل لبنان رجل حكمة وتبصّر وتدبّر حريص كل الحرص أن يوظّف الطاقات الخيّرة والمؤسسات البنّاءة لصالح المجتمع وخير العباد.

تولى قيادة جمعية المشاريع فكان الناصح والموجه والقائد الحكيم الحليم.

ولقد كان مثالًا يحتذى، ومنارة هدى، لا يتزلزل ولا يغيّر مبادئه لأجل مال ولا سلطان فكان همه:

– تعليم العقيدة الإسلامية السليمة والدعوة إلى الله.

– نشر المفاهيم الإسلامية الصحيحة ونبذ شراذم الضلال.

– التزام ما كان عليه الرسول ﷺ والصحابة من التعاليم الدينية الصحيحة.

– محاربة الغلو والتطرف والمتسترين باسم الدين بالتوعية الفكرية التربوية والثقافية والتوجيهية.

– مواجهة الخط الصهيوني ومخططاته المشبوهة لزعزعة الصف العربي والإسلامي.

– بناء المؤسسات التي بها تبنى الأوطان.

– العمل على إصلاح الفرد في سبيل إصلاح المجتمع.

– دعم مسيرة الأمن والاستقرار في لبنان والدول العربية من خلال مواصلة التحذير من الحركات المتطرفة المتسترة بالدين.

الخبر الصاعقة

31-8-1995 خارج منزل الشهيد…

السيارة… الرصاصات التي اخترقت هيكلها وجسد من كان فيها تركت بقعًا كبيرة من الدماء التي اختلطت بحطام الزجاج على المقاعد الجلدية الفاتحة اللون، لتشهد على فظاعة ما حصل…

قتلوك لأنك معتدل، لأنك داعية الاعتدال، لأنك رمز الاعتدال… أرادوا تنكيس رايتك فإذا بها خفاقة مرفرفة وعلمك آخذ بالارتفاع وذكرك لا يزال في النفوس والقلوب وعلى ألسن أهل الخير يستذكرون مواقف عزك…

والآن…

وبعد سنوات على غيابك كلما ارتفعت رايتك ازداد أعداء الدين ودعاة التطرف سقوطًا… وكلما عمرت مؤسساتك تداعت قصور أوهامهم… ظنوا أنهم سيوقفون المسيرة، ظنوا أن ظلامهم سيقوى على نور الحق.. فخاب ما ظنوا…

كنت رجل علم وعمل ووفاء، كنت -يا صاحب السماحة أيها الراحل العظيم- قدوة الصابرين في حياتك وموتك. إن الغراس التي زرعتها في أعماق أعماقنا، وسويداء أفئدتنا، لن تقتلها حديدة، ولن تهزها رصاصات، لقد تقوى برحيلك وترسخ فينا بعمقٍ الإصرار والعزم على التغيير والتنوير.

كان «المشاريعيون» وسيبقون يا سيدي يا صاحب السماحة كما عوّدوك يكدّون ليلهم ونهارهم ويسهرون ويتعبون، ولا يزيدهم العناء والبلاء، إلا تذوقًا لجمال الاعتدال واستمتاعًا بحلاوة الدعوة التي يناضلون لها.

نم قرير العين يا صاحب السماحة وطب نفسًا فالأمانة بخير وقد وجدت من يحفظها إنه الغالي القائد حسام فأكرم به من خلف خير لسلف خير، وسبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد للّه ربّ العالمين.