نعم، لم يكن نبيّنا عليه الصلاة والسّلام يقرأ المكتوب ولا يخطّ بيده، ولم يكن ذلك في حقّه عجزًا ولا منقصةً، فاللّه عزّ وجلّ قادرٌ على أن يرسله أقرأ النّاس وأكتبهم، ولكنه لم يفعل. لماذا؟
أرسل الله تعالى نبيّه عيسى عليه السّلام بأمرين عجز عنهما الطّبّ المنتشر في ذلك الوقت، وهما إحياء الموتى وإبراء الأكمه أي الذي ولد أعمى، ولا يزال الطّبّ عاجزًا عن هذين إلى يومنا هذا. وكذلك سيّدنا محمّد عليه الصلاة والسلام جاء العرب بشىءٍ هم يدّعون فيه القوة، بل وأنهم بلغوا الغاية فيه، فكانت أمّيّته معجزةً كما قال العلماء: «الأمّيّة في محمّدٍ مُعجِزةٌ وفي غيره مَعْجَزَةٌ» ومما يؤيّد ذلك قول رسول الله ﷺ الذي رواه البخاري: «ما أنا بقارئ»، جوابًا لقول جبريل: «اقرأ»، وهو تعبير واضح عن عدم معرفته ﷺ القراءة لأنه لم يسبق له تعلّم ذلك، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ﴾ سورة الأعراف/157، وهذا من دلائل نبوته، فإنّه مع أمّيّته جاء بكتابٍ أعجز البشريّة إلى يومنا هذا، ولذلك كان القرءان الكريم أعظم معجزةٍ للرسول عليه الصلاة والسّلام، وهو معجزةٌ باقيةٌ مستمرّةٌ على مدى الدّهور والعصور.