قصر الحمراء هو قصر أثري يحيط به حصن شيّده الملك المسلم أبو عبد الله محمد الأول بن يوسف بن محمد بن أحمد بن نصر بن الأحمر في مملكة غرناطة.

وتقع غرناطة بمحاذاة جبال سييرا نيفادا على 430 كيلو مترًا تقريبًا جنوب مدريد، وعلى ارتفاع 738 مترًا فوق سطح البحر. ويبلغ عدد سكانها حوالي 241.000 نسمة، يعمل معظمهم في قطاع الزراعة والسياحة.

واسم غرناطة يحمل معنى “رمانة” وهي مدينة تاريخية سياحية ترفيهية، يزورها الآلاف من السياح، ولها نشاطات فنية وثقافية كثيرة في الفن والأدب.

وقصور الحمراء لا تكشف عن أسرارها عند زيارتها للوهلة الأولى، فأسوارها الشاحبة تخفي داخلها كنوزًا من الفن المعماري يؤكد بدوره أن الحضارة العربية في الأندلس لم تخلُ عن تذوق الجمال والاستمتاع به.

سبب التسمية

هناك اختلاف في سبب تسمية القصر بهذا الاسم، فمنهم من يرى أنه مشتق من بني الأحمر، وهم بنو نصر الذين كانوا يحكمون غرناطة بين عامي 1232 – 1492م، بينما يرى آخرون أن التسمية تعود إلى التربة الحمراء التي يمتاز بها التل الذي تم تشييده عليها، وهناك سبب ثالث للتسمية وهو أن بعض القلاع المجاورة لقصر الحمراء كانت تعرف منذ نهاية القرن الثالث الهجري باسم المدينة الحمراء.

أهمية سياحية واقتصادية

أثبتت دراسات إحصائية أن شهرة قصر الحمراء في غرناطة، جنوب إسبانيا، في ازدياد مستمر يومًا بعد يوم، ليس من الناحية الفنية والمعمارية فقط وإنما من الناحية السياحية والاقتصادية أيضًا. وأشارت الإحصاءات إلى أن القصر يدرّ على مدينة غرناطة 550 مليون دولار سنويًا.

تاريخه

بداية لم يكن قصر الحمراء سوى جزء من مدينة الحمراء أو “قصبة الحمراء” التي تشمل قصر الحاكم والقلعة التي تحميه. وكانت مباني دور الوزراء والحاشية تنمو مع الوقت حتى غدت قاعدة ملكية حصينة.

ولما دخل القائد العربي أبو عبد الله محمد الأول غرناطة -والمعروف أيضًا باسم محمد بن نصر والملقب بالأحمر نسبة للون لحيته الحمراء- حكم غرناطة وذلك بعد سقوط الدولة الموحدية، فرحب به الشعب بهتافات: مرحبًا بك يا أيها المنتصر، فأجاب: لا غالب اليوم إلا الله، وهذا هو الشعار المكتوب في جميع أنحاء الحمراء.

وقد أنشأ محمد الأول سورًا منيعًا حول الهضبة التي قامت عليها “قلعة الحمراء”، وبنى داخل هذا السور قصرًا أو مركز حكومته، وسميت القلعة “القصبة الحمراء”، وصار قصر الحمراء جزءًا منها، وغدت معقل غرناطة الهام.

وفي أواخر القرن السابع الهجري، أنشأ محمد بن محمد بن الأحمر الغالب بالله – ثاني سلاطين غرناطة- مباني الحصن الجديد والقصر الملكي، ثم أنشأ ولده محمد في جوار القصر مسجدًا. تم الانتهاء من بنائه قبل نهاية حكم المسلمين في الأندلس على يد يوسف الأول ومحمد الخامس سلطان غرناطة مع انقطاع ثلاث سنوات خُلع خلالها عن الحكم، ثم عاد إليه مجددًا ليبدأ في المرحلة الثانية من حكمه أهم التطويرات، ويكتب أغلب الأشعار التي يزدان بها القصر.

عمارته وأقسامه

فناء الريحان الكبير: وتتقدمه ساحة البركة أو “فناء الريحان” الكبير المستطيل الشكل، تتوسطه بركة المياه وتظللها أشجار الريحان، ونقشت في زوايا فناء الريحان عبارة “النصر والتمكين والفتح المبين لمولانا أبي عبدالله أمير المؤمنين”، والآية الكريمة ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)﴾ سورة الأنفال. وفي النهاية الجنوبية لهذا البهو باب عربي ضخم، هدمت المباني التي كانت وراءه، ولم يبق منها سوى أطلال. وتوجد في هذه الأطلال بعض النقوش مثل “لا غالب إلا الله” و”عزّ لمولانا السلطان أبي عبد الله الغني بالله”. ويؤدي باب فناء الريحان الشمالي إلى بهو صغير اسمه “بهو البركة”.

بهو السفراء: يؤدي البهو الذي يلي فناء الريحان من الجهة الشمالية إلى بهو السفراء “أو بهو قمارش” الذي يعد أضخم أبهاء الحمراء سعةً، ويبلغ ارتفاع قبته 23م. ولهذا البهو شكل مستطيل أبعاده “18م × 11م”. وفيه كان يعقد “مجلس العرش”، ويعلوه “برج قمارش” المستطيل.

فناء السّرو: يؤدي بهو البركة من جهة اليمين إلى باحة السرو. وإلى جانبها الحمامات الملكية، وأول ما يلفت النظر غرفة فسيحة زخارفها متعددة الألوان مع بروز اللون الذهبي ثم الأزرق والأخضر والأحمر وفي وسطها نافورة ماء صغيرة، وتعرف باسم غرفة الانتظار. أما الحمامات فتغمرها الأنوار الداخلة عبر كوات بشكل ثريات وأرضها مرصوفة بالرخام الأبيض، ومن الحمام يتم الدخول إلى غرفة الامتشاط والاستراحة التي تكثر فيها الرسوم الغريبة عن الفن الإسلامي، ويتخلل الحمامات أبهاء صغيرة.

قاعة الأختين: تقع في شرق بهو البركة. عُرفت هذه القاعة بهذا الاسم لأن أرضها تحتوي على قطعتين من الرخام متساويتين وضخمتين.

بهو الأسود: تؤدي قاعة الأختين من بابها الجنوبي إلى بهو الأسود أشهر أجنحة قصر الحمراء. قام بإنشاء هذا الجناح السلطان محمد الغني بالله. وهو بهو مستطيل الشكل أبعاده “35م × 20م” تحيط به من الجهات الأربع أروقة ذات عقود يحملها 124 عمودًا من الرخام الأبيض صغيرة الحجم وعليها أربع قباب مضلّعة. في وسط البهو “نافورة الأسود”، على حوضها المرمري المستدير اثنا عشر أسدًا من الرخام، تخرج المياه من أفواهها بحسب ساعات النهار والليل.

تنبيه: إن عمل مجسمات لذوي الأرواح محرم في شرعنها ولكننا في مقالنا هذا نَصِفُ ما في قصر الحمراء من الفن المعماري.

وقد تعطلت مخارج المياه في هذه البركة حين حاول الإسبان التعرف على سر انتظام تدفق المياه بالشكل الزمني الذي كانت عليه.

فالفن المعماري في العصر الإسلامية استخدم الفوارات في زخرفة الحدائق العامة والخاصة، وقد وصلت براعة المهندسين المسلمين في القرن العاشر الميلادي حدًا كبيرًا في صنع أشكال مختلفة من الفوارات يفور منها الماء كهيئة السوسنة، ويتم تغييرها حسب الحاجة ليفور الماء كهيئة الترس وفي أوقات زمنية محددة، وتمثل فوارات قصر الحمراء نموذجًا متطورًا لما وصلت إليه إنجازات المسلمين في ذلك الوقت.

قاعة بني سراج: منتصف الناحية الجنوبية من بهو الأسود مدخل قاعة بني سراج Sala de Los Abencerrajes الغرناطيين. ولهذه القاعة شكل مستطيل أبعاده “12م × 8م”. فرشت أرضها بالرخام. وتعلوها قبة عالية في جوانبها نوافذ يدخل منها النور. وفي وسط القاعة حوض نافورة مستديرة من الرخام.

قاعة الملوك “أو قاعة العدل”: في جهة شرق بهو الأسود مدخل قاعة الملوك Sala de Los Reyes. زين سقف الحِنيَّة الوسطى -أي القوس- بصور عشرة من ملوك غرناطة تعلوهم العمائم، تعبر ملامحهم عن الوقار. أولهم محمد الغني بالله، وآخرهم السلطان أبو الحسن والد أبي عبد الله، وهناك صور فرسان ومشاهد صيد.

منظرة اللندراخا: في جهة شمال بهو الأسود وقاعة الأختين بهو منظرة اللندراخا Mirador de Lindarata. وذهب بعضهم في تفسير هذا اللفظ بأنه محرّف لثلاث كلمات عربية “عين دار عائشة”. والجدير بالذكر أن عائشة كانت إحدى ملكات غرناطة في القرن الرابع عشر الميلادي. وإن لفظ “عين” يفيد “نافذة”. وتتألف هذه القاعة من بهو صغير مضلّع.

متزين الملكة Reina de La Peinador: وهو جناح علوي صغير في نهاية الطرف الشمالي للحمراء، تحت “برج المتزين” Torre de Peinador الذي يعود إلى عهد السلطان يوسف أبي الحجاج.

الزاوية والروضة: وهناك منطقة مهجورة من القصر في جهة الغرب كانت زاوية أو مصلّى فيها ميضأة وقاعدة مئذنة.   

ولقصور الحمراء أبواب عدة هي: باب الغدور، وباب الطّباق السبع، وباب الشريعة وهو المدخل الرئيسي حالياً للحمراء، وباب السّلاح، وباب الشراب داخل الأسوار.

وأما الأبراج في قصور الحمراء فهي: برج قُمارش، وبرج المتزين، وبرج العقائل، وبرج الآكام، وبرج الأسيرة، وبرج الأميرات، وبرج الماء، وبرج الرؤوس. █